(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون).
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلـٰه إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبا).
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيما).
أما بعد، أيها المسلمون، اتقوا الله تعالى وراقبوه، وأطيعوا الله ولا تعصوه، واعلموا أن الله بعث نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم على فترة من الرسل، بعد أن طبَّقت الوثنية الأرض، بما فيها خير البقاع مكة، فدعا عليه الصلاة والسلام عشيرته الأقربين، فقبل القليل منهم دعوته، وردها الكثير، وبقيت تلك الدعوة في شيء من الخفاء، وكفار قريش لا يلقون لها بالاً، فلما صدع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتنقص آلهتهم وذمها؛ سلك المشركون مسلكًا آخر، حفاظًا على آلهتهم، وتعصبا لها، فأغروه بالمال ليكون أكثرهم مالاً، وأغروه بالزواج من أجمل نسائهم، وعرضوا عليه أن يملكوه عليهم، وعرضوا عليه أن يعبد آلهتهم سنة ويعبدوها هم سنة، فأبى ذلك عليه الصلاة والسلام، (ودوا لو تدهن فيدهنون)، فعذبوا من استطاعوا تعذيبه من أتباعه، ممن ليس لهم نفوذ ولا عشيرة، وساموهم سوء العذاب، ليعودوا قسرًا إلى الشرك، وليرهبوا غيرهم ممن تحدثهم نفوسهم بالدخول في دين الإسلام. ولما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم ما يقاسيه أصحابه من البلاء، وليس في استطاعته حينئذ حمايتهم؛ أذِن لهم في الهجرة إلى الحبشة، فهاجروا مرتين، الأولى في السنة الخامسة من البعثة والثانية في العاشرة، ثم هاجروا إلى المدينة، ثم لحق بهم هو نفسه إلى المدينة، تحقيقًا لمصلحة انتشار الإسلام، وعبادة الله بأمن وطمأنينة.
أيها المسلمون، والناظر في الهجرة النبوية يجد فيها حكماً باهرة، ويستفيد منها دروساً عظيمة، فمن تلك الدروس ما يلي:
1. التضحية بالمال والوطن والعشيرة في سبيل الله، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما غادر مكة وقف مستقبلا إياها وقال: والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أُخرجت منك ما خرجت.
2. ومن دروس الهجرة أن من استغلقت عليه الدعوة في مكان فينبغي له أن يتجه لمكان آخر يدعو إلى الله فيه، فإنه لما يئس النبي صلى الله عليه وسلم من هداية قريش؛ اتجه إلى المدينة ليدعو إلى الله فيها.
3. ومن دروس الهجرة ظهور سنة الابتلاء، فالجنة غالية، ولا تنال براحة البدن، بل بالمجاهدة في طاعة الله، والصبر على ذلك، (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذي جاهدوا منكم ويعلم الصابرين).
فقد كان هَـــيِّـــناً على الله عز وجل أن يصرف الأذى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وينقله من مكّة إلى المدينة كما نقله منها إلى بيت المقدس ليلة الإسراء على دابة البراق في لحظة، ولكن شاء الله أن يبتليه ليكون قدوة لقومه ولمن بعدهم، وليستبين التمسك، ويتمحص الصدق، ويعظم الأجر عند الله، وليتعلم الدعاة إلى الله الصبر على ما يلاقون من الأذى في سبيل نشر الدعوة.
4. ومن دروس الهجرة الأخذ بالأسباب الحسية، ويتجلى ذلك في استعداد النبي صلى الله عليه وسلم الاستعداد الحسي الكامل، وأهم ذلك أنه لم يهاجر حتى أذن الله له بذلك، واتخذ صاحبًا أمينًا وهو أبو بكر رضي الله عنه، واستعان بعبد الله بن أبي بكر ليأتيهم بأخبار قريش، واستعان بمولاه عامر بن فهيرة ليأتيهما باللبن، وكان يرعى غنمه، واستعان بعبد الله بن أريقط الليثي مع كونه مشركًا ليدلهما الطريق، ولكنه كان أمينًا خبيراً بالطريق.
ومن أخذه بالأسباب أنه اتخذ طريقا غير المعهودة ليُعمي على المشركين.
ومن أخذه بالأسباب اختباؤه في غار في جبل ثور جنوبي مكة ثلاث ليال.
كذلك فإنه لم ينطلق من الغار إلى المدينة إلا بعد أن انقطع طلب المشركين له.
ومن أخذه بالأسباب كتم سر مسيره إلا لمن لهم صلة ماسّة، وهم الذين تقدم ذكرهم.
ففي هذه الأمور العشرة تتبين القدوة في أهمية التخطيط والعمل بالأسباب في السيرة النبوية.
5. ومن دروس الهجرة النبوية أنه عليه الصلاة والسلام لم يكن معتمدا على الأسباب الحسية التي مضى ذكر بعضها، بل كان قلبه متوكلاً على الله عز وجل، ومن دلائل ذلك أن المشركين لما وصلوا إلى الغار قال أبو بكر: يا رسول الله، لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه، فقال عليه الصلاة والسلام مطمئناً له: يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ وصدق الله إذ يقول
(إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيم)
وفي طريق الهجرة أدركهم سراقة بن مالك بن جُعشُم على فرس له، فقال أبو بكر رضي الله عنه: هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله، فقال: لا تحزن إن الله معنا.
6. ومن دروس الهجرة النبوية وجوب الصبر والثبات في سبيل نشر الدعوة، فالنبي صلى الله عليه وسلم علَّم أمته من خلال الهجرة الثبات في وجه أهل الباطل ولو كانت له جهامة، فقد يكون للباطل جولة، ولأشياعه صولة، امتحانًا للمؤمنين وفتنة للكافرين، ولكن العاقبة ستكون قطعا للذين آمنوا وصبروا،
(وكان حقا علينا نصر المؤمنين)
7. ومن دروس الهجرة النبوية اليقين بأن العاقبة لأهل التقوى، فالذي ينظر في الهجرة في بادئ الأمر يظن أن مصير الدعوة هو الزوال والاضمحلال، فميزان القوى المادية متفاوت جدًّا بين أهل الحق وأهل الباطل، ولكن مَن كان الله معه فهو القوي في الحقيقة، والناظر إلى عاقبة الهجرة بعد مرور ثمانية أعوام عليها ودخول مكة في ربوع الإسلام، وإسلام أهلها، ثم انتشار دين الله تدريجيا في أنحاء الكرة الأرضية؛ إن الناظر لذلك ليتيقن أن المؤثر هنا ليس القوة البشرية المادية، بل القوة الربانية الإلـٰهية، فدين الله منتصر لا محالة، لأن قوة الدين من قوة الله تعالى، والله تعالى لا غالب له،
(إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده).
8. ومن دروس الهجرة النبوية العلم بأن من ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه، فلما ترك المهاجرون ديارهم وأهليهم وأموالهم التي هي أحب شيء إلى النفس؛ أعاضهم الله خيرا منها، بأن فتح عليهم الدنيا، وملّكهم شرقها وغربها، فدانت لهم الشام وفارس ومصر، ثم اتجه المسلمون بعد انصرام عصر الصحابة إلى شمال أفريقيا، ففتحوا الأندلس.
9. ومن دروس الهجرة النبوية أن من حَفِظ الله حفظه الله، ومن اتقى الله وقاه الله، وجعل له مخرجًا، فإنه لما ائتمر زعماء قريش ليعتقلوا النبي عليه الصلاة والسلام، أو يقتلوه، أو يُـخرجوه من بلده؛ حفظه الله منهم، ووقاه من كيدهم، وأخرجه من مكة، وأوصله المدينة، معززا مكرما، لم يصبه أذى.
10. ومن دروس الهجرة النبوية التنبيه إلى فضل أبي بكر رضي الله عنه، حيث اختاره النبي صلى الله عليه وسلم لصحبته في الهجرة، وحُقَّ له ذلك، فقد سأله الصحبة، وبكى من الفرح لصحبته، وجهز له الراحلة، وكان يسير أمامه في الطريق إذا تذكر الرصد، ويسير خلفه إذا تذكر الطلب، واستعمل عائلته كلها في سبيل الله، فاستعمل عبد الله ابنه في نقل الأخبار، واستعمل مولاه عامر بن فهيرة، فكان يروح بغنم أَبي بكر عليهما، وكان يرعاها، فإِذا أَمسى أَراح عليهما بالغنم فاحتلباها، وإِذا غَدَا عبد اللّه بن أَبي بكر مِن عندِهما في الصبح اتّبع عامر بن فهيرة أَثره بالغنم حتى يُعَفِّيَ عليه ويطمس أثر أقدامه، والخلاصة أن الصّدّيق وظَّف نفسه وأهله وماله لنصرة الإسلام، رضي الله عنه وأرضاه.
11. ومن دروس الهجرة النبوية التنبيه إلى عظيم دور المرأة، ويتجلى ذلك من خلال الدور الذي قامت به أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، حيث شقَّت نطاقها وهو ما يُشَـدُّ به الوسْط، فشقـته نصفين، وربطت بنصفه سفرة النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر على البعير، وربطت بالنصف الآخر قِربتهما، فَــلُـــقِّبت بذات النطاقين.
ومن مواقفها كذلك أنّه لمّا خرج والدها أبو بكر رضي الله عنه مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة، حمل معه جميع أمواله، وقد بلغت حينها ما يقارب خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، أَوْ سِتَّةَ آلَافِ دِرْهَمٍ. قَالَتْ: وَانْطَلَقَ بِهَا مَعَهُ. قَالَتْ: فَدَخَلَ عَلَيْنَا جَدِّي أَبُو قُحَافَةَ وَقَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ قَدْ فَجَعَكُمْ بِمَالِهِ مَعَ نَفْسِهِ، قَالَتْ: قُلْتُ: كَلَّا يَا أَبَهْ، إِنَّهُ قَدْ تَرَكَ لَنَا خَيْرًا كَثِيرًا. قَالَتْ: فَأَخَذْتُ أَحْجَارًا، فَوَضَعْتُهَا فِي كُوَّةِ الْبَيْتِ، كَانَ أَبِي يَضَعُ فِيهَا مَالَهُ، ثُمَّ وَضَعْتُ عَلَيْهَا ثَوْبًا، ثُمَّ أَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَهْ، ضَعْ يَدَكَ عَلَى هَذَا الْمَالِ. قَالَتْ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ، إِنْ كَانَ قَدْ تَرَكَ لَكُمْ هَذَا، فَقَدْ أَحْسَنَ، وَفِي هَذَا لَكُمْ بَلَاغٌ. قَالَتْ: وَلَا وَاللَّهِ مَا تَرَكَ لَنَا شَيْئًا، وَلَكِنِّي قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أُسْكِنَ الشَّيْخَ بِذَلِكَ.
12. ومن دروس الهجرة النبوية التنبيه إلى فضل المدينة وأهلها من الأوس والخزرج، فالمدينة لم تكن معروفة قبل الإسلام بشيء من الفضل على غيرها من البلاد، وإنما أحرزت فضلها بهجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام وأصحابه إليها، ثم نصرة أهلها له، وبهذا ظهرت مزايا المدينة.
13. ومن دروس الهجرة الرد على كل ملحد يزعم أن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم كان يريد الشهرة والمال والسلطان، فقد عُرض عليه المال، وعُرضت عليه المناصب السياسية والاقتصادية، ورَفَضَها، ولو كانت هي همه لقبلها وبقى في مكانه ملكا، ولَـمَا تكبّد عناء الهجرة من مكة إلى المدينة والمخاطرةَ بنفسه، وتَــرَكَ السكن والوطن والعشيرة، ولكن كان همّه الوحيد هو التوحيد، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور.
14. ومن أعظم دروس الهجرة النبوية مشروعية الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، التي يقيم فيها المسلم شعائر دينه ويجاهر بذلك، فمن لم يستطع إقامة شعائر الدين في مكان فتجب عليه الهجرة إلى مكان آخر يقيم فيه دينه وجوبا شرعيا، وإلا أثم بتركها.
15. ومن دروس الهجرة النبوية ما ورد فيها من بعض الآيات الدالة على نبوته ورسالته، منها ما حصل لسراقة بن مالك حينما أراد أن يمسك برسول الله صلى الله عليه وسلم لما رآه ليظفر بجائزة رصدتها قريش لمن يأتي برسول الله صلى الله عليه وسلم، فساخت قوائمُ فرسه في الأرض إلى الرُّكَــب، ثم بشره رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيغنم سِواري كسرى بقوله:
«كَأَنِّي بِكَ يَا سُرَاقَةَ تَلْبَسُ سِوارَيْ كِسْرَى»
وحصل له ذلك فعلا في عهد عمر رضي الله عنه.
16. ومن دروس الهجرة الاستفادة من كل فرصة في الدعوة إلى الله، فقد اجتاز رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مهاجر إلى المدينة ببريدة بن الحصيب الأسلمي عند (كُراع الغميم) ، وكان في ثمانين نفسًا من أهله، فدعاهم إلى الإسلام فأسلموا، وصلى بهم صلاة العشاء، وعلَّمه ليلَــتَــئِــذٍ صدرًا من سورة مريم.
أيها الإخوة، لقد فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وهو في حالة خوف من أن يدركه المشركون، ولكن الحرص على الصدع بالحق والتوكل الصادق على الله؛ جعلا همَّ الدعوة أهمَّ عليه من سلامة نفسه، صلى الله عليه وسلم.
وبعد عباد الله، فهذه ستَّ عشرة فائدة من الهجرة النبوية، وفي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء دروس وفوائد كثيرة، جعلنا الله من المستفيدين منها، المطبقين لها.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد، فيا أيها المسلمون، اعلموا رحمكم الله أنه ليس من تعظيم حدث الهجرة عمل الاحتفالات بها، وإن داخلها شيء من ذكر الدروس المستفادة منها، بل إن تعظيم الهجرة النبوية على وجه الخصوص، والسيرة النبوية على وجه العموم؛ يكون بالتأسي بصاحبها عليه الصلاة والسلام، واجتناب ما علق بها من بدع ومحدثات.
ثم اعلموا رحمكم الله أن الله تعالى أمركم بأمر عظيم فقال:
(إن اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تسليما)
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض عن أصحابه، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واحمِ حوزة الدين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق جميع ولاة المسلمين لتحكيم كتابك، وإعزاز دينك، واجعلهم رحمة على رعاياهم. اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك.
اللهم إنا نعوذ بك من البرص والجنون والجذام وسائر الأسقام. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.